في ظل المنافسة الشديدة وتضاعف فرص العمل وحاجة كل شركة للنمو والتطور أصبح أمر مناقشة مصفوفة أنسوف Ansoff Matrix في غاية الأهمية، فكلما تم ذكر مفهوم النمو نجده ملتصقاً بمصطلح مصفوفة أنسوف، ويعزو سبب التسمية إلى صاحبها إيغور أنسوف (أب الإدارة الإستراتيجية) عالم الرياضيات الروسي الأمريكي، وتم نشر هذه المصفوفة في مقالة في هارفارد بيزنس ريفيو، وفيما بعد استلهم العديد من رواد الأعمال والمسوقين هذا النموذج لمعرفة فرص النمو وتقييمها وتوقع المخاطر التي تصاحب الأعمال، ولكن ما هي مصفوفة أنسوف؟
ما هي مصفوفة أنسوف Ansoff Matrix؟
تعد مصفوفة أنسوف أو كما يطلق عليها شبكة توسيع المنتج من أدوات التحليل التي يستعين بها المسوقين لخلق وابتكار استراتيجيات نمو مستقبلية مع الوضع في الحسبان المخاطر الكامنة فيها، كما تساعد هذه الأداة الشركات على تحديد الاستراتيجيات وتطويرها، وتجيب عن السؤال الآتي: “أين يجب أن توجه الشركة جهود نموها؟”
ما هي أهمية مصفوفة أنسوف؟
تكمن أهمية أنسوف ماتريكس في تحقيق زيادة المبيعات والمنتجات في السوق، ويتحقق ذلك من خلال تكثيف جهود التسويق وتحسين خدمة العملاء، ويتضح ذلك بالمثال التالي: قد تقوم بعض الشركات بوضع خصومات وعروض على بعض المنتجات لزيادة مبيعاتها، بينما تستثمر شركة أخرى كافة جهودها في الإعلانات والترويج لمنتجاتها لزيادة الوعي بعلامتها التجارية والوصول إلى عملاء محتملين، ويمكن توضيح مزايا مصفوفة أنسوف في النقاط التالية:
- أداة سهلة الفهم وسريعة.
- تسلط الضوء على المخاطر أو التهديدات المستقبلية ومناقشتها.
- تساعد الشركات على التطوير والنمو، فهي أداة نمو في المقام الأول.
- يمكن استخدامها في استراتيجيات التسويق.
- تسهم في تقييم المخاطر.
اقرأ أيضاً عن: استراتيجيات تسويق المنتج
ما هي استراتيجيات مصفوفة أنسوف؟
حدد أنسوف أربع استراتيجيات لمصفوفته، كما وضح أن هناك طريقتين للتعامل مع استراتيجيات تسويق النمو، وهما: تعديل المنتج / تعديل السوق وذلك اعتماداً على النهج المتبع، وهذا بيان للاستراتيجيات:
1- اختراق السوق
وهذه الاستراتيجية الأكثر ذيوعاً واستخداماً حيث يعني بها مقياس مقدار الشراء من قبل العملاء مقارنة بإجمالي تقدير السوق، وتركز الشركة هنا على بيع المزيد من المنتجات للسوق المستهدف وذلك بتطوير أساليب التسويق وتكثيف جهودها أو تشجيع العملاء وحثهم على الشراء بوضع مزايا وعروض إضافية، والهدف الرئيسي من هذه الاستراتيجية زيادة الحصة السوقية بتغيير المزيج التسويقي الراهن إما بتعديل التسعير أو تحديث الجهود التسويقية، ومع ذلك فإن هذه الاستراتيجية تنطوي على مخاطر، منها:
- هامش ربح أقل: لا شك أن وضع خصوم وعروض على السلع والخدمات له تأثير ايجابي في زيادة المبيعات، لكنه يقلل من هامش الربح، فإذا كانت الشركات الكبيرة قادرة على تحاشي هذه النقطة إلا أن الشركات الصغيرة والناشئة لن تتمكن من تفاديها وخاصة إذا كانت تكاليف انتاج منتجاتها عالية.
- الشك في السمعة العامة للشركة: عند تقديم إحدى العلامات التجارية خصوم على منتج معين، فإن ذلك سيؤثر على المنتجات الأخرى التي تُباع بتكلفة محددة، الأمر الذي يجعل العميل معتاد على المنتجات الأرخص تكلفة من المنتجات الأخرى، وهذا الأمر له تأثير على سمعة الشركة.
- المغالاة في الثقة: فالشركات التي نجحت في اختراق الأسواق، يكون لديها رضا نفسي كبير، وإفراط في الثقة، وهذه الثقة الشديدة تعطل ملكة الابتكار عند معظهم، وتجعلهم راضين عما حصلوا عليه، الأمر الذي يفقدهم الميزة التنافسية، ثم تدريجياً يذهب العميل إلى شركات منافسة أخرى لشراء منتجات أحدث وأفضل.
2- تطوير المنتج
تهدف هذه الاستراتيجية تطوير المنتجات وتحسين جودتها والوصول إلى قاعدة العملاء، ولن يتحقق ذلك إلا بفهم طبيعة السوق واحتياجات العملاء، وبناءًا على هذا الفهم والوعي تتمكن الشركة من تقديم عروض جديدة إلى منتجاتها، والهدف الرئيسي من هذه الاستراتيجية، الحفاظ على الحصة السوقية، خلق مصادر دخل جديدة، ولكن هذه الاستراتيجية بها بعض المخاطر أيضاً، ومنها:
- إن عملية تطوير المنتج تستغرق وقت وجهد وموارد.
- صعوبة التأكد من نجاح المنتج الجديد، فقد لا يحظى بالقبول من جهة العملاء.
- قد يؤثر المنتج الجديد على المبيعات الموجودة بالفعل في السوق.
- لا يوجد ضمان لبقاء بعض الموظفين طوال فترة التطوير، فقد يرحل بعضهم لتغير الرغبات والتوقعات مع مرور الوقت.
3- تطوير السوق
تستهدف هذه الاستراتيجية دخول أسواق جديدة أو استهداف شريحة أخرى من العملاء بنفس المنتجات الحالية، فقد تبيع إحدى الشركات بعض الأطعمة للعمال والمهنيين، وفي نفس الوقت تستهدف الطلاب أيضاً بنفس الوجبات، وقد تبيع إحدى الشركات ملابس أو أحذية للسوق المحلي، وفي نفس التوقيت تستهدف الأسواق الخارجية، ومع ذلك توجد مخاطر مرتبطة بتطوير السوق، منها:
- تطوير السوق بحاجة لاستثمارات ضخمة، وإذا تم إنفاق هذه الاستثمارات في التطوير، ولم تؤتي ثمرها، سوف تتكبد الشركة خسائر فادحة.
- تتطلب عملية تطوير السوق جهد ووقت كبير، وقد تكثف الشركة جهودها في هذا الأمر، مما لا يسمح لها بإدارة العمليات التجارية، ومن ثم تقع خسائر كبيرة في السوق الحالية.
- يصعب التنبؤ بالطلب في السوق الجديد، وقد لا يحظى المنتج بالقبول، وذلك لأن الشركة قد لا تفهم احتياجات السوق الجديدة.
4- التنويع
تتضمن هذه الاستراتيجية بيع منتج جديد في سوق جديد، والتنويع هنا قد يكون مرتبط أو غير مرتبط، والمرتبط تكون فيه الشركة في سوق معروف ومحدد مع توسيع قاعدة العروض الخاصة بمنتجاتها، والغير مرتبط تدخل فيه الشركة وتمتد لأسواق أخرى قد لا يكون لديها خبرة فيها، وهنا تكمن مخاطر هذه الاستراتيجية، والتي تتجلى في مخاطر الدخول لسوق جديد بمنتجات جديدة بخط إنتاج جديد، الأمر الذي له تأثير على:
- العلامة التجارية، من ناحية أن التوسع في سوق جديد بمنتجات جديدة، قد يربك العملاء الحاليين، ويترك لديهم انطباع بأنك لم تعد متخصصاً في مجال بعينه.
- الالتزامات المالية المرهقة، حيث تتطلب عملية التوزيع والتوسع نفقات هائلة وديون لا حصر لها.
- عبء جديد خاص بالموردين، فالحاجة للانتاج والتخزين والشحن أصبحت أكبر بكثير.
- غياب التركيز، وذلك بسبب الدخول إلى مجالات متنوعة.
- التعقيد، فالشركات المتنوعة أكثر تعقيداً من الشركات الفردية المتخصصة.
اقرأ أيضاً عن: المخاطر التجارية
ما هي مستويات المخاطر لكل استراتيجية؟
وبناءً على هذه المخاطر التي ذكرناها سالفاً، نستطيع أن نحدد مستويات المخاطر لكل أداة تخطيط استراتيجي في البيات الآتي:
- اختراق السوق: مخاطر منخفضة.
- تطوير المنتج: مخاطر متوسطة.
- تطوير السوق: مخاطر متوسطة.
- التنويع: مخاطر عالية.
ما التحضير الذي يجب القيام به قبل استخدام مصفوفة أنسوف؟
مصفوفة النمو تلك ليست مثل تحليل SWOT أو تحليل PESTLE بل هي أكبر من ذلك، فهي أكثر من كونها دليل مناقشة، فهي غير ملزمة التحضير، بل تُستخدم لمناقشة الاستراتيجيات ثم إدراجها في قائمة، ولكنها تتطلب أن تكون على دراية ببعض الأمور، من سبيل:
- الحصة السوقية الحالية.
- الأسواق المحتملة.
- الأداء الحالي.
- صور الابتكار.
- أنشطة المنافسين.
- تقييمات العملاء وملاحظاتهم.
كيفية استخدام مصفوفة أنسوف؟
يمكنك استخدام مصفوفة أنسوف أو Ansoff Model بأن تختار الاستراتيجية المناسبة وفقاً لرؤيتك الخاصة مع الوضع في عين الاعتبار المخاطر المصاحبة لكل استراتيجية، والموارد والميزانية المتاحة، ومتطلبات سوق العمل ورأس المال، ويمكنك بالخطوات التالية استخدام مصفوفة أنسوف:
1- الموازنة بين الاختيارات
الخطوة الأول أن تكون ملماً بكافة الخيارات المتاحة، وأن تكون على إطلاع بمخاطر كل استراتيجية، لتحديد الأنسب.
2- تقييم المخاطر
بعد الاطلاع على كل استراتيجية، عليك البدء بتحليل المخاطر لفهم التهديدات التي من المتوقع أن تواجهها، ابدأ بوضع خطط بديلة أو طرق تحد من هذه المخاطر أو تخفف من وتيرتها مع وضع إجراءات طوارئ في حال خرجت الأمور عن السيطرة.
3- اختيار الاستراتيجية المناسبة
عند تحديد هذه المخاطر وتحليلها، يكون لديك فهم كامل لكل استراتيجية، وأياً منها سوف تستفيد بها شركتك، ويمكنك الاستعانة ببرامج اتخاذ القرار لتساعدك على اخيار أفضل استراتيجية تناسب أعمالك.
ما هي فوائد مصفوفة أنسوف؟
تساعد مصفوفة أنسوف الشركات والمؤسسات على تقييم استراتيجيات النمو، وتقييم كل خيار متاح لاختيار الأنسب، ويمكن عرض فوائد هذه المصفوفة في النقاط الثلاث الآتية:
- سهلة الفهم والتنفيذ: تتضمن أربع استراتيجيات نمو موجزة ومبسطة، مما يجعلها بسيطة الفهم وغير معقدة بالنسبة لأصحاب القرار.
- تحليل وتقييم المخاطر: تسهم هذه المصفوفة في مساعدة الشركات على أنها لن تواجه أي مخاطر أو تهديدات بصورة مباغتة عند تنفيذ واحدة من الاستراتيجيات المذكورة.
- البدائل، توفر هذه الأداة بدائل كثيرة لكل استراتيجية نمو، الأمر الذي يساعدك على اختيار الأفضل والأنسب لخططك وأهداف عملك.
ما هي أبرز تحديات مصفوفة أنسوف؟
إن قاعدة الارتكاز لمصفوفة أنسوف تعتمد على العرض والطلب أو السوق والمنتج، إلا أن هناك بعض التحديات التي تعيق على نطاق واسع، وهذه بعض التحديات:
- المنافسين: إن مصفوفة أنسوف تتجاهل المنافسة في السوق، ولا تكمن في آليتها هذه النقطة، مما يجعلها مناسبة للمواقف المثالية الطبيعية حيث تنعدم المنافسة، لذا على الشركات أن تضع خطط واستراتيجيات تساعدهم على تجاوز المنافسين والتغلب عليهم في أي سوق أو في المنتج.
- تحليل التكاليف / الفوائد: لا تضع مصفوفة أنسوف الفوائد المكتسبة من الاستثمار في أي استراتيجية نمو، ومن ثم يصعب تقييم هذه الاستراتيجيات واختيار أكثرها فائدة.
- الدقة: لا شك أن مصفوفة أنسوف سهلة الفهم وبسيطة في تنفيذها إلا أنها لا تتنبأ بدقة بالكيفية التي يتفاعل بها السوق مع منتج جديد أو موجود بالفعل.
اقرأ أيضاً عن: القيمة السوقية
ما هي المخاطر المرتبطة بكل استراتيجية من استراتيجيات مصفوفة أنسوف للنمو؟
أولاً: اختراق السوق (Market Penetration)
هذه الاستراتيجية تتضمن زيادة الحصة السوقية للمنتجات الحالية في الأسواق الحالية، وهذه المخاطر تشمل:
- رد فعل المنافسين: قد يؤدي الضغط على المنافسين إلى استجابتهم بحملات تسويقية أو تخفيضات في الأسعار.
- تشبع السوق: إذا كان السوق بالفعل مشبعًا، قد يكون من الصعب تحقيق نمو إضافي.
ثانياً: تطوير السوق (Market Development)
هنا تسعى الشركة لدخول أسواق جديدة بمنتجاتها الحالية، والمخاطر تشمل:
- فهم غير كافٍ للسوق الجديد: عدم معرفة الثقافة، القوانين، أو سلوك المستهلك في السوق الجديد قد يؤدي إلى فشل الدخول.
- تكاليف دخول عالية: قد تتطلب دخول الأسواق الجديدة استثمارات كبيرة في التسويق والتوزيع.
ثالثاً: تطوير المنتجات (Product Development)
هذه الاستراتيجية تتعلق بتقديم منتجات جديدة في الأسواق الحالية، أما عن المخاطر فهي تشمل:
- فشل المنتج: قد لا يقبل السوق المنتجات الجديدة، سواء بسبب عدم توافقها مع احتياجات العملاء أو بسبب مشكلات في الجودة.
- تكاليف البحث والتطوير: تطوير منتجات جديدة يتطلب استثمارًا كبيرًا في البحث والتطوير، مما يزيد من المخاطر المالية.
رابعاً: التنويع (Diversification)
تتضمن هذه الاستراتيجية تقديم منتجات جديدة في أسواق جديدة، وهي الاستراتيجية الأكثر خطورة، فالمخاطر المتعلقة بها تشمل:
- مخاطر مزدوجة: الشركة تدخل في سوق جديد وتطور منتجًا جديدًا في الوقت نفسه، مما يضاعف المخاطر.
- نقص الخبرة: قد تفتقر الشركة إلى الخبرة اللازمة في السوق الجديد أو في تطوير المنتج الجديد، مما يزيد من احتمالات الفشل.
أبرز الأسئلة الشائعة عن مصفوفة أنسوف
ما أهمية مصفوفة أنسوف في تحليل السوق؟
تسهم مصفوفة أنسوف للنمو في مساعدة الشركات والمؤسسات على تحديد الاستراتيجيات وتطويرها لنموها، مع توضيح المخاطر ومستوياتها لكل استراتيجية، ويتضح هذا الأمر في استراتيجيات النمو المتمثلة في اختراق السوق، وتطوير السوق، وتطوير المنتج، والتنويع.
حيث تقوم المصفوفة بتحليل كل استراتيجية على حدة لتحديد المخاطر والعمل على تجنبها، ثم يظهر في نهاية الأمر مستويات هذه المخاطر والتي تتشكل على هيئة: (مخاطر منخفضة، مخاطر متوسطة، مخاطر عالية) مما يتيح لأصحاب الشركات اختيار الاستراتيجية المناسبة مع وضع خطط بديلة لمواجهة المخاطر في حال زادت عن الحد المتوقع.
مصفوفة أنسوف في التحليل المالي
من المفاهيم الخاطئة التي تشيع بكثرة، النظرة الكمية الحصرية للتحليل المالي، فإن كان طبيعياً على المحللين الوصول إلى طريقة لمعرفة الكيفية لفهم الأصول والخصوم، فمن الضروري أيضاً أن يكون لديهم فهم كامل لنمو الأعمال ومحركاتها، وما يميز المحللين العالميين عن غيرهم، قدرتهم على ترجمة النتائج النوعية سواء من تحليل SWOT أو PESTEL أو مصفوفة Ansoff.
ما هو الفرق بين مصفوفة أنسوف ومصفوفة الفرص الإستراتيجية؟
يخلط البعض بين مصطلحي مصفوفة أنسوف ومصفوفة الفرص الاستراتيجية، ومن المدهش انهما اسمان لنفس المصفوفة، فلا فارق بينهما.
كم مرة يجب أن تستخدم الشركة مصفوفة أنسوف؟
يسأل البعض عن عدد المرات التي يتم فيها استخدام مصفوفة أنسوف لتنمية الأعمال، والصواب أن في كل مرة يتم فيها تقييم الاستراتيجية أو تقييم أي اتجاه جديد، يجب أن تضع في الحسبان هذه الأداة كأسلوب لا غنى عنه لتصنيف السلوك واقتراح البدائل.
بعد هذا السرد المبسط، لا شك أنك أصبحت الآن على دراية بمصطلح مصفوفة أنسوف واستراتيجيات النمو الخاصة بها، ومخاطر كل استراتيجية نمو، وأصبح القرار عائداً لك في اختيار ما يناسبك، ولكن إذا واجهتك مشكلة، تواصل الآن مع شركة G-Dart للحلول التسويقية للتوصل إلى القرار المناسب بمساعدة نخبة من الخبراء والمتخصصين.
المصادر والراجع
g2 – feedough – getlucidity