في هذا الصدد، نحن أمام شكل جديد من أشكال التسويق يُطلق عليه التسويق الرمادي Gray marketing ففي ظل المنافسات التي بلغت ذروتها، والتداول الفائل للأوراق المالية في مجال التمويل، ظهر السوق الرمادي والذي يعد في جوهره سوق وسطي يوفر قناة تواصل بين البائع والمشتري على نحوٍ غير مألوف أو بالأحرى غير مصرح به، ولكن ما الذي يعنيه ذلك؟ وهل نحن بذلك نتحدث بشكل أو بآخر عن السوق السوداء؟ أم يوجد فارق ملحوظ؟ في هذا المقال نوضح لكم ما الذي يستهدفه التسويق الرمادي وآثاره وطرق التغلب عليه.
ما هو السوق الرمادي؟
السوق الرمادي Grey Market عبارة عن عن سوق يقوم فيه البائعون ببيع السلع والمنتجات والأوراق المالية عبر قنوات غير رسمية، وهذا يعني أن البائعون والمشترون يتعاملون في سوق لا يخضع للرقابة والتنظيم، ويتداولون الأموال فيه دون اتباع اللوائح أو بقدر قليل منها، ويكون الهدف الربح عن طريق الصفقات، والاستفادة من التسعير المخفض.
كما يلجأ البعض إلى شراء البضائع من شركة معينة في سوق محدد، والقيام ببيعها في سوق آخر وذلك لتحقيق الفائدة المرجوة من السوقين بالفوارق في الأسعار، وعملية البيع تلك تتم عبر قنوات توزيع غير مصرح بها، ودون أخذ أذن الجهة المصنعة.
ما هي نتائج وآثار التسويق الرمادي؟
التسويق الرمادي يترتب عليه نتائج وآثار وخيمة من نواحِ عدة، تتمثل في التأثير السلبي الذي تعاني منه العلامات التجارية عندما يتم طرح منتجاتها في السوق الرمادي بأسعار رخيصة لا تتناسب مع الجودة التي يتم التصنيع بها، وإن كان الأمر له أثر ايجابي على المستهلك باعتباره يشتري العديد من السلع بأسعار زهيدة إلا أنه يفقد المصدقية في الشركة المصنعة، وقد يعتقد أن المنتجات تباع بهذه الأسعار لوجود مشكلة بها ! وفي حال تم بيع هذه المنتج بأسعارها الطبيعية في مكان آخر، فسوف تكون بالنسبة له غالية لأنه اعتاد على السعر المخفض لها.
ومن جانب آخر، قد يفقد الموزعون ثقتهم في الشركة المنتجة بسبب قنوات التوزيع غير الرسمية، كما أن هذا السوق يؤثر بشكل كبير على التجار المرخصين لوجود تجار يبيعون نفس السلع بأسعار أقل من سعرها، وذلك بسبب افتراض لدى المستهلكين بأن السعر في الأسواق الرمادية أفضل لهم ومناسبة أكثر، وفي هذه الحالة يقوم التجار المرخصين بتخفيض أسعار السلع لمواكبة وضع السوق، وفي حالات أخرى يمتنعون عن البيع.
ومن منظور ثالث، تُحدث الأسواق الرمادية تفاوت هائل في الأسعار، واختلاف في التكلفة بين سوق وآخر باعتبارها سوق التداول الغير رسمي، كما يسعى التجار غير المرخصين إلى بيع المنتجات والسلع دون ضمانات قبل البيع، مما يدع المجال للمستهلك بأن يلقي بالعبء على الشركة المنتجة عند مواجهة أي مشكلة في السلع التي قام بشرائها.
يمكنك الاطلاع أيضاً على مقال التسويق البنفسجي Violet Marketing من خلال هذا الرابط.
كيفية التغلب علي السوق الرمادي؟
بعد سرد المخاطر والآثار للتسويق الرمادي وما يترتب عليه عند البيع في السوق الرمادي Grey Market، أصبح أمر التغلب على هذه التحديات عملية لا يمكن تأجيلها، لذا كانت البداية في أن تقوم الشركات المصنعة بتكثيف جهودها في ترسيخ مبادئ عالمية ذات سياسة موحدة تقف ضد الأسواق الرمادية، وذلك على اعتبار السوق الرمادي هو ذاته السوق الموازي Parallel Market الذي يحيد عن طريق الشركات الأم.
كما يجب على الشركات متعددة الجنسيات توحيد صفوفها في مختلف البلدان للحد من موقف التجار في بيع السلع بشكل غير مرخص وبأسعار لا تتناسب مع الجودة التي تقدمها الشركة المصنعة، فإن اعتاد المستهلك شراء هذه السلع بأسعار رخيصة في السوق الرمادي إلا أن العملية من أولها لآخرها لا تتم بشكل قانوني، ولا يجب أن يتوقف الأمر عند هذا الحد بل من الضروري البدء بتعزيز الوعي بين المستخدمين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وتوضيح النهج الذي يقوم به التجار لبيع السلع دون ترخيص مع توضيح الأضرار الوخيمة والآثار السلبية عند التعاقد معهم.
اقرأ أيضاً عن: التسويق الوردي Pink Marketing
أمثلة عن السوق الرمادي
توجد العديد من الأمثلة التي توضح لنا السلع والمنتجات التي تُباع في السوق الرمادي والطريقة التي يتم البيع بها، فعلى سبيل المثال:
تقوم اليابان بتصنيع الالكترونيات والأجهزة الذكية، ولكنها تباع في سوق آخر في الولايات المتحدة بسعر مختلف، كما أن كتيب الإرشادات مكتوب باللغة الإنجليزية وليس اليابانية! أيضاً السيارات تُصنع في دول معينة لكنها لا تُباع بها، بل يتم بيعها في بلد آخر غير المصنع، ومن ثم لا يتم أخذ احتياطات السلامة أو اجرائها عند البيع في السوق الرمادي. كما يتم بيع العديد من المنتجات والسلع من السوق الإلكتروني في السوق الرمادي بأسعار مخفضة، الأمر الذي يؤثر -كما أوضحنا سالفاً- على العلامة التجارية لبعض الشركات.
ما الفرق بين السوق الرمادي والسوق السوداء؟
قد يقول قائل أن السوق الرمادي هو الوجه الآخر للسوق السوداء Black Market ونحن نتفق على ذلك من جهة أن الواجهة الرئيسية لكلا السوقين غير قانونية، ولكن الفارق بينهما، أن في السوق السوداء يتم بيع سلع ومنتجات تخالف المعايير الدولية ولا يُعترف بها، كما أنها سلع غير قانونية وغير مصرح ببيعها أو تداولها، وبعضها محظور في القانون الدولي، بالإضافة إلى أن طرق التوزيع والتداول غير رسمية، ومن هذه السلع: الإتجار في المواد المخدرة، وتجارة السلاح وغيرها.
اقرأ أيضاً عن: التسويق الأسود Black Marketing
وبالمجيء إلى السوق الرمادي Grey Market، فهي تقف موقف الوسط، فالسلع التي يتم بيها مصرح بها باعتبارها منتجات متداولة بين المستهلكين ومُصنعة من خلال شركات مُنظمة ومُعترف بها، ولكن القنوات التي يتم التوزيع من خلالها غير مرخصة، كما أن السلع نفسها لم تُسجل وفقاً للطريقة القانونية وذلك للتهرب الضريبي، فالسوق الرمادي هو سوق يقع بين السوق السوداء والسوق الأبيض.
كيف تؤثر السوق الرمادية على الأعمال؟
السوق الرمادية تعتبر من القضايا التي تؤثر بشكل كبير على الشركات والعلامات التجارية، فهذه السوق، التي تتضمن بيع المنتجات من خلال قنوات غير رسمية أو غير مصرح بها، يمكن أن تترك آثارًا واضحة على العديد من جوانب الأعمال.
1- صافي الربح
أحد التأثيرات المباشرة للسوق الرمادية على الأعمال هو تأثيرها على صافي الربح، فعندما يتم بيع المنتجات في السوق الرمادية بأسعار أقل من الأسعار الرسمية، تتعرض الشركات لخسائر كبيرة، وهذا بدوره يؤدي إلى انخفاض كبير في الأرباح، حيث يتم بيع المنتجات بأسعار أقل من تلك التي خططت لها الشركة، مما يؤثر على الهامش الربحي ويقلل من قدرة الشركة على الاستثمار في تطوير منتجات جديدة أو توسيع نشاطاتها.
2- سمعة العلامة التجارية
سمعة العلامة التجارية تتأثر بشكل كبير بسبب السوق الرمادية، فعندما يتم بيع المنتجات عبر قنوات غير رسمية، فإن الجودة والخدمة ما بعد البيع قد لا تكون متوافقة مع معايير الشركة، وهذا يؤدي إلى تجارب سلبية للمستهلكين، مما يضر بسمعة العلامة التجارية ويؤدي إلى فقدان الثقة بين العملاء، فأي خلل في المنتج أو الخدمة المرتبطة به قد يتسبب في تدني صورة العلامة التجارية، وهذا يصعب استعادته مع مرور الوقت.
3- ضمان المنتج
في السوق الرمادية، لا يمكن ضمان المنتج من حيث الأصالة والجودة، فالمنتجات التي تباع عبر هذه القنوات قد لا تأتي مع الضمانات الرسمية أو قد تكون غير متوافقة مع المعايير المطلوبة، وهذا يعني أن المستهلكين قد يتعرضون لخطر شراء منتجات مزيفة أو ذات جودة أقل، مما يؤثر على رضاهم وولائهم للعلامة التجارية، فالشركات تجد نفسها في موقف حرج عندما يشتكي العملاء من منتجات تم شراؤها من السوق الرمادية، حيث يصعب تقديم الدعم اللازم لهذه المنتجات.
4- أسعار السوق
السوق الرمادية تؤدي إلى ظهور أسعار متعددة لنفس المنتج في السوق، مما يخلق حالة من الفوضى والتضارب، فعندما يواجه المستهلكون اختلافات كبيرة في الأسعار لنفس المنتج، قد يؤدي ذلك إلى تشوشهم وعدم قدرتهم على تمييز السعر العادل، وهذا يؤثر سلبًا على قدرة الشركات على الحفاظ على سياسة تسعير موحدة وقد يؤدي إلى تراجع الطلب على المنتجات التي تباع من خلال القنوات الرسمية.
5- آثار خاصة بالحكومة
الآثار الحكومية للسوق الرمادية يمكن أن تكون خطيرة أيضًا، فالحكومات قد تفرض عقوبات أو ضرائب إضافية على الشركات التي تجد منتجاتها في السوق الرمادية، مما يزيد من الأعباء المالية ويؤثر على الأداء المالي للشركة، بالإضافة إلى ذلك، قد تكون هناك تأثيرات قانونية وتنظيمية تؤدي إلى تعقيدات إضافية في إدارة الأعمال.
بعد هذا العرض المفصل، تستطيع الآن التواصل مع شركة G-dart للخدمات التسويقية لمساعدتك على بناء استراتيجية تسويقية فعالة وناجحة، وفي حال كان لديك أي مشكلة تواجه مشروعك، يمكنك التواصل مع فريقنا لحل هذه المشكلة بأفكار وأساليب تقنية وفنية حديثة، كما تسهم الشركة في تقديم اطروحاتها الخاصة للمساهمة في زيادة حصتك السوقية وتحليل منافسيك والتفوق عليهم.
